التحديات التي تواجه التحول الرقمي وكيفية التغلب عليها

 

 تعريف التحول الرقمي

 

التحول الرقمي هو اعتماد التقنية الرقمية لتحويل الخدمات أو الأعمال أو العمليات والإجراءات اليدوية غير الرقمية بالعمليات الرقمية أو استبدال التقنيات الرقمية القديمة بأخرى حديثة مواكبة ومتطورة من خلال تطوير أو اعتماد الأطر والبرامج التي تدعم عملية التحول الرقمي ضمن الإدارات والأقسام بشكل عملي وآمن ومنتج.

 

لقد أظهرت الأبحاث الحديثة أن التقنية الرقمية قد أصبحت من الأدوات التي لا غني عنها للمصالح الحكومية ومنشآت الأعمال المختلفة من أجل التكيف مع المتغيرات المستجدة في العالم. وقد أدي ذلك لأن تعيد القيادات في كافة المستويات تقييم خططهم لتصور المستقبل المستهدف الذي تكون فيه تقنيات المعلومات الرقمية الحديثة أداة رئيسية تساعد المصالح الحكومية ومنشآت الأعمال في محاولات التغلب على التحديات الحالية والمستقبلية.

 

المخاطر الكامنة للتحول الرقمي:

إن فشل مبادرات التحول الرقمي يترتب عليه فشل الإدارة نفسها وذلك لخطورة النتائج المترتبة على عدم توافر الحلول الرقمية أو عدم مواكبتها للتطورات الحادثة في العالم والتغيرات التي تشهدها الحياة المعاصرة بشكل عام وذلك أن كثيراً من منشآت الأعمال والمصالح الحكومية تتعامل مع بيانات أکثر حساسية، وتحتاج لضوابط أمن سيبراني وخصوصية، إلى جانب الاحتفاظ بأعلى معايير الجودة والامتثال لمجابهة المخاطر المختلفة. حيث إنه من خلال التكنولوجيا الرقمية الحديثة يمکن زيادة الحاجة لتوافر الأمن، والمرونة والاستمرارية في اختيار التقنية. وبالمقابل تؤدي النظم الهشة، غير المتجانسة أو المتقادمة إلى مخاطر جمة.  ولذلك صار من متطلبات المؤسسات العامة والأجهزة الحكومية الوفاء بمعايير شهادات ضمان الجودة العالمية والتوافقية والامتثال العالية.

 

التحديات التي تواجه التحول الرقمي

هناك الكثير من التحديات التي يواجهها مسئولو ومدراء تقنية المعلومات من أجل توسيع نطاق الحلول التقنية، لكن العديد من هذه التحديات ليس كله تقنياً. فعلى سبيل المثال فإن اتخاذ إجراءات مباشرة للتعامل مع هذه القضايا هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعمليات التحوّل الرقمي سواء كان ذلك عبر إزالة الحواجز الداخلية بين الإدارات والأقسام أو سدّ النقص في الموارد والكفاءات التقنية وإذا لم تتم معالجة هذه التحديات، فإن برامج التحول الرقمي تبقى معرّضة للفشل مما يؤثر على قدراتنا على الاستفادة من الميزات والفوائد المتوقعة لهذه الحلول الرقمية. إن تحديات الأمن الإلكتروني وتزايد التهديدات يتطلب المزيد من إجراءات الحماية والرقابة الإدارية والإلكترونية من خلال وضع قواعد جديدة تحكم إدارة النظم الرقمية إضافة الى متطلبات الأمن الالكتروني، يعتبر تغير معايير حماية البيانات ومعايير الخصوصية بصورة مستمرة من التحديات الكبيرة مما يشير إلى أهمية اللوائح الرقابية والتنظيمية، كما أن تطبيقها والالتزام بها قد يكون مكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً.

 

إلا أن هناك الكثير من التحديات والمخاطر الأخرى ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

قناعة القيادة والمسئولين ودعمهم الكامل لإنفاذ استراتيجية التحول الرقمي

غالبًا ما يكون الحصول على موافقة القيادة والمسؤولين من العقبات الكبيرة لأنهم ربما يكونون قد أنشأوا خطط وبرامج سير عمل أو استثمروا في تقنيات سابقة كانت فعالة في وقتها، ولكنها أصبحت قديمة الآن. ولمواكبة العصر، فإن عدم إعطاء فرصة للتقنيات الجديدة والعمليات الجديدة يمكن أن يكون أكثر خطورة من عدم القيام بأي شيء وذلك نظراً للتغير المتسارع للتقنية وتطورها مما يتطلب مواكبة التحول التقني وإلا أصبحنا متخلفين عن مواكبة التحول العالمي في هذا المجال وهو تحول لا يتوقف. بل يمضي قدما نحو الأمام. وإذا كان الحصول على موافقة القيادة والمسؤولين التنفيذيين هو من الأولويات فإن الحصول على دعم قادة الإدارات والفرق هو أيضاً من الأهمية بمكان فمن المحتمل أنهم هم من سوف يستخدم هذه التقنيات والأدوات بشكل يومي.

 

وجود استراتيجية تحول موحدة في جميع الإدارات والأقسام.

إن تبني استراتيجيات العمل المستقل أو الانفراد في اتخاذ قرارات التحول الرقمي دون التنسيق مع الجهات الأخرى يعتبر من العوائق الكبيرة للتحول الرقمي نظراً لتأثيره على مختلف مراحل عمليات التحوّل الرقمي الناجح، بداية من الاستراتيجية، والخطط والبرامج والاتصال واختيار الأدوات الصحيحة والجدول الزمني الصحيح والقوى البشرية المؤهلة الخبيرة ومن ثم التنفيذ. فكل تحد من هذه التحديات يتطلب تدخلاً مختلفاً ومعالجة شاملة.

 

الحل: وجود استراتيجية شاملة للتحول الرقمي ومنسقة تتضمن اختيار الخطط والبرامج والتقنيات والجدول الزمني وخطوات التنفيذ واختيار القوى العاملة المؤهلة وإدماجها في عملية التحول الرقمي بحيث يتم التدرج في التحول الرقمي لضمان نجاحه واستدامته.

 

التعامل مع سياسات تجنّب المخاطرة

من الطبيعي أن توجد مقاومة للتغيير وللتحول الرقمي بين أوساط العاملين سواء من الإدارات أو القيادات أو بقية العاملين لتجنّب المخاطر إذ لا ترى بعض القيادات والإدارات فائدة من إجراء أية تغييرات على طريقة العمل المعتادة أو ممارساتهم اليومية التي يعتبرونها صحيحة وناجحة.

 

الحل:

إن أمام مدراء تقنية المعلومات تحدّيات كبيرة سيما لدى إشرافهم على عمليات التحوّل الرقمي المبنية على تبني التقنيات الجديدة ولا بد من تبني قدر معقول من المخاطرة مع توفير ضمانات النجاح. وللنجاح في ذلك، يجب ربط برامج التحوّل الرقمي هذه بمخرجات الأعمال وجعل التغييرات التنظيمية بمثابة العنصر الأساسي في هذه البرامج وبذلك لا يكون أمام هذه الإدارات أو العاملين سوى الاقتناع بالتحول الرقمي وإلا فستتوقف دفة إدارة العمل وبذلك تتحول قناعات الممانعين لتبني فكرة التحول الرقمي والمشاركة فيها.

نقص الكفاءات الرقمية

إن عدم توفّر الكفاءات والتخصّصات اللازمة في مجال تقنية المعلومات لمختلف الإدارات والأقسام يعتبر من أكبر التحديّات التي تعترض مسيرة التحول الرقمي وخاصة التخصصات الأساسية في مجالات إدارة المشاريع وتصاميم المشاريع، والأمن السيبراني، والحوسبة السّحابية، وتحليل البيانات وتجربة المستخدم، وغير ذلك من المجالات الرئيسة فجميع ذلك يشكل تحدياً أساسياً لنجاح برامج التحوّل الرقمي.

 

الحل:

أهمية اختيار وتعيين الكفاءات من الخبراء والمختصين في المجالات المذكورة أعلاه وزيادة درجة الجاهزية للتغيير وذلك من خلال تطوير المهارات الرقمية على مستوى الإدارة أو القسم وإيجاد البنى التحتية اللازمة للتحول الرقمي.

 

 

الافتقار لموارد الأعمال التقنية

مثلما أن نقص الكفاءات التقنية يعدّ تحدياً رئيسياً، يحول دون إتمام عمليات التحوّل الرقمي في عدد من المجالات التقنية مثل خدمات المنصات، والأمن، ومساحات العمل الرقمي، وميكنة تقنية المعلومات فإن صعوبة اختيار الكفاءات في مجال تقنية المعلومات والخبراء في المجال يعدّ نتيجة مباشرة لعدم تعاون الإدارات في ترتيب الأولويات التي منها تعيين الكفاءات في المجال، كما أن الميل للانفراد بالقرارات دون التنسيق مع الإدارات الأخرى يعتبر تحدياً كبيراً، إضافة إلى التحديات المتعلقة بثقافة أداء الأعمال.

 

الحل:

إضافة إلى الاختيار الصحيح للخبراء والمختصين في المجالات المختلفة فإن تبني برامج تدريب الموظفين على استخدام الخدمات الرقمية الذاتية والتقنيات المبسّطةً، وتأهيلهم وتجهيزهم للتعامل مع بيئات عمل رقمية أكثر تعقيداً واستخدام تقنيات متقدمة رقمية إضافة للتركيز على تطوير مهارات الفرق التقنية وسدّ فجوات التدريب الرقمية هو من الأهمية بمكان نظراً لأن ذلك سيؤثر إيجاباً على توفر هذه الكفاءات.

 

إن تبني التحول الرقمي يتطلب وجود إدارات تستوعب أهمية هذا التحول وذلك بوجود إدارات تمتلك القدرة والخاصية على التفكير المستقبلي واستيعاب التحول وأهميته لمستقبل بيئة العمل بل وحتمية وجوده لكونه أمر لا يمكن تجنبه أو تجاهله.  إن القدرة على الابتكار بشكل أسرع ومواكبة العصر هي على رأس قائمة الأولويات التي يجب أن تؤدي إلى تبني المؤسسات للتحول الرقمي.

 

 

عدم تجاوب العاملين في الإدارات والأقسام مع التغيير والتقنيات الجديدة

مع وجود أي تقنية جديدة فقد تواجه مقاومة أو عدم ارتياح لاستخدامها في البداية. وهذا أمر طبيعي لكونهم قد اعتادوا على العمليات المألوفة والتقنيات التقليدية ومع إدخال أي تقنية جديدة فإن مقاومتها أمر طبيعي.

 

الحل:
يجب المحافظة على مشاركة العاملين والموظفين أثناء عملية الإعداد من خلال تشجيعهم على طرح الأسئلة والمشاركة في كيفية التحول الرقمي فيمكن أن يؤدي القيام بذلك إلى جعلهم يشعرون بمزيد من المشاركة في صنع القرار بدلاً من تكليفهم باستخدام التقنيات الجديدة كأمر مفروض عليهم. علاوة على ذلك، فإن وجود (أو تنفيذ) إستراتيجية رشيقة بالفعل يمكن أن يساعد فريقك على تجاوز حالة عدم اليقين أثناء طرح تقنيات أو عمليات جديدة أثناء الوضع العادي التالي.

الاعتياد على استخدام الأدوات التقليدية القديمة

ان ميل العاملين للعمل اليدوي الورقي كثيراً واقتصارهم على استخدام الورقة والقلم؛ والأوراق اللاصقة للتواصل، والتقويم المكتبي لجدولة الاجتماعات، والاعتماد على المكالمات الهاتفية للتواصل في تنفيذ المشاريع يجعل من الصعب على هؤلاء الموظفين والعاملين فهم التقنيات الحديثة والقدرة على التعاون بكفاءة مع مثل هذه الأساليب البدائية عندما يكون هناك العديد من الحلول المعقدة المتاحة الآن.

 

الحل:
تبني برنامج رشيق وقابل للتطوير ومتدرج مع تأهيل العاملين على كل تقنية رقمية يتم استحداثها. ولابد من إشراك كافة العاملين في خطوات التحول الرقمي وذلك لضمان الانتقال السهل والسلس من الأعمال اليدوية أو التقنيات القديمة إلى الأعمال الرقمية الحديثة.

اختيار التقنية المناسبة

من الطبيعي أن كل بيئة عمل تتطلب اختيار التقنية الرقمية المناسبة لها فما يصلح للقطاع العام قد لا يصلح للقطاع الخاص وكذا فإن التقنية التي تصلح لبد ما قد لا تصلح بالضرورة لجميع البلدان ويعتمد ذلك على القوانين المنظمة والنظم وإجراءات سير العمل وبيئة العمل في المنظمة أو المؤسسة وغير ذلك. كما أن اختيار التقنية يجب أن يضمن العمر الافتراضي للتقنية وسلامتها وأمنها وتفادي المخاطر التي يمكن أن تنشأ من اختيارها واستخدامها على المديين القريب والبعيد.

 

مزامنة التقنيات Harmony & Synchronization

عند إضافة أدوات جديدة إلى تقنياتنا، فإن التعرف والاستخدام لجميع خصائصها وميزاتها وطريقة عملها قد يكون أمرًا صعباً أو مربكًا. وقد يكون التعامل مع واجهات برمجة التطبيقات أمرًا محيرًا وقد يكون هناك الكثير من الصعوبات التقنية التي ستواجهنا عند استخدام تقنيات التحول الرقمي مع إمكانية جعلها تعمل جميعاً وفق (منظومة) واحدة لا تضارب بينها وهذا يتطلب أن يكون لدينا خلفية تقنية قوية ولهذا فإن وجود الخبراء ومواكبتهم ودعمهم للتحول الرقمي في المؤسسة هو أمر هام للغاية كما أن مزامنة التحول الرقمي مع تدريب العاملين عليه يضمن نجاح التحول الرقمي.

 

ملخص التحديات والحلول 

  • عدم الإلمام بالعملية اليدوية للأعمال فهي قد تؤدي لعدم استيعاب التحول الرقمي بصورة صحيحة فالنظام اليدوي الخاطئ أو غير السليم يؤدي إلى نظام رقمي غير صحيح
  • الاعتماد على الأنظمة القديمة لفترة طويلة يجعل من الصعوبة التحول للنظام الرقمي
  • عدم وجود عملية مبسطة لإدارة الموظفين والعاملين
  • نقص أدوات الاتصال بين العاملين
  • الافتقار إلى نظام مستخدم لجمع البيانات وتحليلها
  • عدم استعداد العاملين للتكيف مع التغيير
  • انخفاض مستويات الكفاءة والإنتاجية
  • إنشاء ومشاركة سياسات جديدة بشكل فعال لخلق الوعي بين العاملين
  • عدم وجود تدابير أمنية للبيانات
  • محدودية الميزانية أو قلة الوعي بتكاليف التحول الرقمي
  • نقص الموارد الماهرة التي يمكنها الانتقال إلى الأدوار والمسؤوليات المحددة حديثًا
  • عدم وجود تحليلات لفهم الآثار الإيجابية للتحول الرقمي

 الحلول:

  • قناعة ودعم القيادة للتحول الرقمي وجعله عملية لابد منها وإلزام كافة منسوبيهم بالتحول الرقمي.
  • وجود خطة لميكنة مجموعة والإجراءات بالكامل من أجل تبسيط الأعمال وتحديثها
  • وجود منصة للتواصل بين العاملين لتحسين الاتصال وتبادل الخبرات والدعم والمساعدة الفنية
  • توحيد أنظمة التحول الرقمي والتنسيق بينها في منصات رقمية متجانسة تفيد في ضمان وظائف تكامل البيانات وجمعها من كل نظام أو تطبيق داخل المنشأة وإدارتها من موقع مركزي، مما يسهل تحليل البيانات بسهولة وفعالية كما يمكن من استخدامها لتنفيذ تمارين مشاركة العاملين للتعامل مع التغيير القادم والشعور بالحماس تجاهه.
  • وجود دورات تدريبية وتأهيلية وتوجيهية مخصصة لمساعدة العاملين، أو الموظفين أو الإداريين أو المسئولين على توديع العملية اليدوية والترحيب بالانتقال إلى الرقمية.
  • الاحتفاظ بالأنظمة والتطبيقات القديمة لحين تكامل عملية التحول الرقمي وذلك لإنشاء جسر بين النهج التقليدي والتقنية الرقمية الحديثة
  • تمكّن وحدة الخدمة الذاتية للعاملين لأداء المهام الإدارية بأنفسهم وتقليل الوقت المستغرق، مما يزيد من إنتاجية العاملين

 

أضف تعليقاتك post your comments